بعد تصريحات ساويرس.. هل يقفز الذهب إلى 6000 دولار بنهاية 2026؟

بعد تصريحات ساويرس.. هل يقفز الذهب إلى 6000 دولار بنهاية 2026؟

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

في خطوة لم تكن متوقعة من البعض، أعلن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس عن توقعات جريئة لأسعار الذهب خلال 2026، متوقعاً وصول المعدن الأصفر إلى مستويات تتراوح بين 5 و6 آلاف دولار للأونصة بحلول نهاية العام. هذا التصريح ليس مجرد رأي شخصي، بل يعكس تحركات جيوسياسية واقتصادية حقيقية تؤثر على سوق الذهب العالمي بشكل جذري. لكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه: هل هذا التوقع واقعي فعلاً، أم أنه نوع من التفاؤل المبالغ فيه؟

الموقف الحالي للذهب: من 4000 إلى 4300 دولار​

دعنا نبدأ بالحقائق الملموسة. في ديسمبر 2025، يتداول الذهب عند مستويات تقارب 4300 دولار للأونصة، أي أنه ارتفع بنسبة حوالي 25% خلال عام 2025 وحده. هذا ليس صعوداً عادياً—إنه قفزة تاريخية تشير إلى تحولات جسيمة في سلوك المستثمرين والمؤسسات المالية العالمية. لمس الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4381 دولاراً في أكتوبر من هذا العام، ما يعني أن الطريق نحو 6000 دولار ليس خيالياً تماماً.​

الأسباب الحقيقية وراء توقعات ساويرس: ما بعد الأرقام​

عندما تحدث ساويرس عن هذه التوقعات، لم يكن يتحدث من فراغ. الرجل الذي بنى إمبراطورية أوراسكوم الإعلامية يفهم جيداً كيف تعمل الأسواق. ركز على ثلاثة عوامل محددة:

أولاً: قلة المعروض والفجوة الزمنية: كل منجم ذهب جديد يحتاج إلى حوالي 7 سنوات قبل أن يبدأ الإنتاج الفعلي. هذه ليست مشكلة في المدى القصير فحسب—إنها تعني أن العالم يعاني من عجز هيكلي في الذهب لن يتم حله قريباً. البنك المركزي المصري نفسه أضاف 57.27 ألف أونصة من الذهب خلال 11 شهراً من 2025 وحده، ما يعكس الضغط الشديد على الطلب العالمي.​

ثانياً: التوترات الجيوسياسية والملاذ الآمن: ليس هناك شك في أن العالم يشهد انقساماً متزايداً. الحرب في أوكرانيا مستمرة، التوترات في الشرق الأوسط في ذروتها، والاحتمالات الدولية تلوح بأفق غامض. عندما يشعر المستثمرون بعدم الاستقرار، يركضون نحو الذهب. هذا ليس سلوكاً عاطفياً—إنه حكمة مالية اختبرتها القرون.​

ثالثاً: خفض أسعار الفائدة وضعف الدولار: التوقعات تشير إلى أن احتياطي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يخفض أسعار الفائدة بشكل كبير خلال 2026. هذا يعني دولاراً أضعف، وبالتالي ذهباً أرخص من منظور المستثمرين الدوليين (لأن الذهب مسعّر بالدولار). فكر بالأمر بهذه الطريقة: إذا ضعف الدولار بنسبة 20%، سيرتفع سعر الذهب حتماً لكي يعوض الفرق.​

الآراء من البنوك العملاقة: توقعات رسمية للغاية​

ساويرس ليس وحده في هذا التشاؤم. جي بي مورغان، أحد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم، رفعت توقعاتها إلى 5055 دولاراً للأونصة بحلول الربع الرابع من 2026. غولدمان ساكس لم تستبعد احتمالية الوصول إلى 5000 دولار. بنك أوف أمريكا قال الشيء نفسه. هذه ليست أصوات هامشية—هذه هي الحرس القديم من الاستثمار العالمي.​

المثير للاهتمام أن هذه التوقعات تتراوح بين 4300 و5055 دولار في السيناريوهات الأساسية، مع احتمالية الوصول إلى 6000 دولار في السيناريوهات الأكثر تفاؤلاً.​

ما الذي قد يوقف الصعود نحو 6000 دولار؟​

لكن قبل أن نحتفل بوصول الذهب إلى الرقم السحري، يجب أن نوضح الفجوات. لا توجد استثمارات صرفة—هناك دائماً مخاطر.

سيد زكريا، أمين اللجنة النقابية لصياغة مصر، أشار إلى سيناريو معاكس: إذا حدث استقرار سياسي واسع أو قررت الأسواق جني الأرباح بعد ارتفاعات متتالية، قد نرى انخفاضاً حاداً. هذا احتمال حقيقي جداً—المستثمرون لا يصعدون دائماً حتى المرة التالية.​

كما أن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية بشكل مفاجئ قد يضعف الطلب على الذهب الذي لا يدفع عائداً في حد ذاته.

البنوك المركزية: المشترون الحقيقيون​

لكن هناك عنصراً مهماً لم يركز عليه الكثيرون: البنوك المركزية نفسها. الصين اشترت الذهب لمدة 13 شهراً متتالياً، والبنك المركزي المصري يزيد من حيازاته بسرعة ملحوظة، مع إضافة 57.27 ألف أونصة خلال 2025. الآن أصبح هناك 4.153 مليون أونصة في احتياطي البنك المركزي المصري، بقيمة تتجاوز 17 مليار دولار.​

هذا التحول ليس عشوائياً. البنوك المركزية تعرف شيئاً—أنها لا تثق بالدولار كما اعتادت. بدأت تنويع احتياطياتها نحو الذهب كأصل استراتيجي خالص.

السيناريو الواقعي لـ 2026: البين والبين​

دعني أكون واضحاً: الوصول إلى 6000 دولار بحلول نهاية 2026 ليس مستحيلاً، لكنه ليس الخيار الأكثر احتمالاً أيضاً.

السيناريو الأكثر واقعية هو أن يصل الذهب إلى مستويات تتراوح بين 4700 و5100 دولار بحلول نهاية 2026. في سيناريو متفائل جداً—مع تدهور جيوسياسي حقيقي أو ضعف جذري في الدولار—قد نرى الاقتراب من 5500 دولار. أما 6000 دولار فهو السيناريو الذي يتطلب عاصفة نقدية سياسية كاملة.​

لماذا أقول هذا؟ لأن هناك فرقاً بين "الممكن" و"الحتمي". توقعات ساويرس تندرج في الفئة الأولى—إنها ممكنة، لكنها تتطلب محفزات محددة جداً.

المسار الحقيقي: من 4300 إلى 5000 ثم ماذا؟​

إذا أردنا أن نكون استراتيجيين، يجب أن نفهم المسار المحتمل:

الربع الأول من 2026: الذهب سيستمر في الضغط صعوداً نحو 4500 دولار مدفوعاً بالمخاوف من خفض الفائدة الأمريكية.

الربع الثاني من 2026: قد يصل إلى 4700-4900 دولار إذا بقيت العوامل الجيوسياسية ثابتة.

الربع الثالث والرابع من 2026: هنا تبدأ اللعبة الحقيقية. إذا استمرت التوترات العالمية والضغط على الدولار، فإن 5000-5200 دولار أمر متوقع تماماً.

أما 6000 دولار، فهذا يحتاج إلى حدث استثنائي جداً—أزمة مالية عالمية جديدة، أو حرب تجارية أمريكية صينية على نطاق غير مسبوق، أو تصعيد جيوسياسي فعلي.

image about بعد تصريحات ساويرس.. هل يقفز الذهب إلى 6000 دولار بنهاية 2026؟
راموس

الخلاصة: ساويرس لم يكذب، لكنه متفائل جداً

التوقعات التي أطلقها نجيب ساويرس بشأن وصول الذهب إلى 6000 دولار بنهاية 2026 ليست خيالية—إنها مرتبطة بواقع اقتصادي وجيوسياسي حقيقي جداً. لكنها أيضاً متفائلة جداً. المسار الأكثر واقعية يشير إلى وصول الذهب إلى 5000-5200 دولار، مع احتمالية الاقتراب من 6000 في سيناريوهات متطرفة.

إذا كنت مستثمراً، يجب أن تراقب التطورات التالية عن كثب: حركات الفائدة الأمريكية، التوترات الجيوسياسية، وتحركات البنوك المركزية. هذه هي المتغيرات التي ستحدد ما إذا كان الذهب سيصل إلى 5000 أم 6000 دولار.

الذهب دائماً يخبرك بشيء ما—والآن، إنه يقول بوضوح: العالم قلق، والمال يبحث عن ملاذ آمن. 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
محمود علي (راموس) Vip تقييم 4.98 من 5. المستخدم أخفى الأرباح
المقالات

667

متابعهم

607

متابعهم

973

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.