محكمة العدل الدولية تُدين إسرائيل بالإجماع: لا للتجويع ولا لخرق القانون الإنساني في الأراضي الفلسطينية
محكمة العدل الدولية تُدين إسرائيل بالإجماع:
لا للتجويع ولا لخرق القانون الإنساني في الأراضي الفلسطينية

مقدمة الخبر
في قرار تاريخي، أعلنت **محكمة العدل الدولية** في لاهاي **بإجماع قضاتها** أن **إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، ملزمة قانونًا باحترام القانون الدولي الإنساني**، وتحمّل كامل المسؤولية عن الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت المحكمة أن **التجويع لا يجوز استخدامه كسلاح حرب**، وأن على إسرائيل **تسهيل دخول المساعدات والإغاثة** فورًا إلى سكان غزة والضفة الغربية، احترامًا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي.
أولًا: المحكمة تؤكد صفة الاحتلال ومسؤولية إسرائيل
من النقاط الجوهرية التي تضمنها القرار أن المحكمة **ثبتت صفة إسرائيل كقوة احتلال**، وهو توصيف قانوني له تبعات دولية كبيرة.
فالقانون الدولي الإنساني، وخاصة **اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949**، يلزم أي سلطة احتلال بأن **تحمي السكان المدنيين في الأراضي المحتلة**، وتضمن لهم **الحق في الحياة، والغذاء، والرعاية الصحية، والكرامة الإنسانية**.
وبذلك، رفضت المحكمة محاولات إسرائيل المتكررة التنصل من صفتها كقوة احتلال، مؤكدة أن وجودها العسكري والإداري في الأراضي الفلسطينية يجعلها **مسؤولة مسؤولية مباشرة عن حماية المدنيين لا عن معاقبتهم**.
ثانيًا: حظر التجويع كسلاح حرب

أكدت محكمة العدل الدولية **بإجماع قضاتها الخمسة عشر** أن **التجويع جريمة حرب** لا يمكن تبريرها بأي ظرف.
ونص القرار على أن **منع وصول الغذاء أو الماء أو الأدوية إلى المدنيين** يُعد انتهاكًا صارخًا للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.
هذا البند كان من أهم ما ركزت عليه المحكمة، حيث شددت على أن **سياسة الحصار الشامل التي تنفذها إسرائيل في غزة** تمثل عمليًا **استخدامًا للتجويع كسلاح سياسي وعسكري**، وهو أمر مرفوض تمامًا في القانون الدولي.
كما حذّرت المحكمة من أن الاستمرار في هذه الممارسات يمكن أن يُصنف ضمن **الجرائم ضد الإنسانية**، ما يفتح الباب أمام ملاحقات جنائية أمام **المحكمة الجنائية الدولية**.
ثالثًا: واجب تسهيل الإغاثة الإنسانية
أحد البنود المهمة في القرار ينص على أن **إسرائيل ملزمة قانونًا بتسهيل جميع عمليات الإغاثة للسكان الفلسطينيين**، سواء التي تنظمها الأمم المتحدة أو المنظمات الإنسانية المستقلة.
وأكد القضاة أن **منع قوافل المساعدات أو تأخيرها المتعمد** يمثل **انتهاكًا مباشرًا لالتزامات إسرائيل الدولية**.
وفي الوقت نفسه، دعت المحكمة **جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة** إلى **ضمان تنفيذ هذا القرار**، انطلاقًا من مبدأ التعاون الدولي في احترام القانون الإنساني، وعدم السماح بارتكاب جرائم حرب تحت أي ذريعة أمنية أو سياسية.
رابعًا: احترام الحقوق الأساسية للفلسطينيين
ذكّرت محكمة العدل الدولية في حكمها بأن الفلسطينيين **يتمتعون بحقوق ثابتة لا يمكن التنازل عنها**، تشمل:
1. **الحق في الحياة الكريمة**.
2. **الحق في الغذاء والماء والرعاية الطبية**.
3. **الحق في السكن وعدم التهجير القسري**.
4. **الحق في الكرامة الإنسانية وحماية المدنيين وقت النزاعات**.
وأكدت المحكمة أن أي إجراءات عقابية جماعية أو حصار اقتصادي على السكان المدنيين **تتناقض تمامًا مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي**، وأن على إسرائيل إنهاء هذه السياسات فورًا.
خامسًا: دلالات القرار دوليًا
هذا الحكم يُعد **سابقة قانونية كبرى**، إذ يمثل **أول إجماع قضائي دولي واضح ضد السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة**.
ويحمل القرار رسالة مزدوجة:
*للشعب الفلسطيني:** أن العالم لا يزال يعترف بحقوقه المشروعة ويحميها.
*لإسرائيل وحلفائها:** أن **الشرعية الدولية فوق المصالح السياسية**، وأن انتهاك القوانين الإنسانية لن يمر دون حساب.
كما يفتح القرار الباب أمام **المنظمات الحقوقية** لرفع دعاوى جديدة ضد قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم **التجويع الممنهج والقتل الجماعي للسكان المدنيين**.
سادسًا: الموقف العربي والدولي
رحّبت العديد من الدول العربية والمنظمات الحقوقية الدولية بالحكم، معتبرة أنه **انتصار للعدالة الدولية والإنسانية**.
كما دعت منظمات الإغاثة إلى **تنفيذ فوري** للقرار وتسهيل دخول المساعدات إلى غزة، مؤكدة أن الوضع الإنساني هناك **لا يحتمل التأجيل**.
من ناحية أخرى، عبّرت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية عن “قلقها من التبعات السياسية”، في إشارة إلى **حساسيتها تجاه إدانة إسرائيل رسميًا في محكمة العدل الدولية**.
سابعًا: نحو نظام دولي أكثر إنصافًا
هذا القرار التاريخي يثبت أن العدالة الدولية يمكن أن تُسمع صوتها حتى في القضايا الأكثر تعقيدًا سياسيًا.
فمحكمة العدل الدولية، رغم بطء آلياتها، تؤكد اليوم أن **الضمير الإنساني العالمي ما زال حيًا**، وأن **حقوق الشعوب لا تسقط بالتقادم**.إنها رسالة واضحة:
“القانون الإنساني لا يُطبّق بالانتقائية، والمحتل لا يملك الحق في العقاب الجماعي.”