*فضيحة نوبل للسلام: لماذا ألغت النرويج موكب الشعلة لأول مرة منذ 70 عامًا؟**
فضيحة نوبل للسلام: لماذا ألغت النرويج موكب الشعلة لأول مرة منذ 70 عامًا؟

في مشهدٍ لم يسبق له مثيل منذ أكثر من سبعة عقود، أعلن **مجلس السلام النرويجي في أوسلو** عن **إلغاء موكب شعلة جائزة نوبل للسلام** لهذا العام، في خطوةٍ صدمت العالم وأثارت جدلًا واسعًا حول مصداقية الجائزة الأشهر في التاريخ الحديث.
فمنذ تأسيس هذا التقليد الإنساني عام 1954، لم تتوقف المسيرة السنوية التي تضيء شوارع العاصمة النرويجية، إلا أن ما حدث هذا العام كان استثناءً يعكس **غضب الضمير الإنساني** من منح الجائزة لمن لا يجسد قيم العدالة أو السلام.
مجلس السلام النرويجي يعلن موقفًا تاريخيًا
في بيانٍ رسمي، أكد المجلس أن قرار الإلغاء جاء احتجاجًا على منح الجائزة "لمن لا يمثل القيم الحقيقية للسلام"، مضيفًا أن الجائزة لهذا العام **تتناقض تمامًا مع المبادئ الإنسانية التي أُسست عليها**.
وجاء في البيان نصًا:
"إن جائزة نوبل للسلام لعام 2025 لا تتماشى مع القيم التي قامت عليها، ومنحها في هذا التوقيت يمثل تناقضًا صارخًا مع ما يجري في غزة من حربٍ وإبادة يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون وسط صمتٍ دوليٍ مخزٍ".
وأضاف المجلس أن ما يجري في غزة من **مجازر وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان** يجعل منح الجائزة لأي طرف يتجاهل تلك المأساة بمثابة "تزييف لمعنى السلام، وإهانة لضمير العالم".
تقليد عمره سبعون عامًا يتوقف لأول مرة
يُعدّ **موكب المشاعل** أحد أبرز التقاليد الرمزية في النرويج، حيث يقام سنويًا في العاصمة **أوسلو** تكريمًا للفائزين بجائزة نوبل للسلام.
وفي كل عام، يتجمع آلاف المواطنين والنشطاء من مختلف أنحاء العالم حاملين مشاعل مضيئة، في مسيرةٍ تعبر عن وحدة الإنسانية ورفض الحروب والعنف.
لكن هذا العام، أُلغيت المسيرة بالكامل — وهو قرار لم يحدث منذ تأسيسها عام 1954 — ليصبح **رمزًا للاحتجاج الإنساني ضد تسييس جائزة نوبل**، التي يرى كثيرون أنها انحرفت عن مسارها الأصلي وأصبحت أداة لتلميع بعض الأنظمة والشخصيات المثيرة للجدل.
انتقادات متصاعدة للجنة نوبل
القرار النرويجي الجريء جاء وسط موجة من **الانتقادات العالمية للجنة نوبل** بسبب تجاهلها للواقع الإنساني في فلسطين، وإصرارها على منح الجائزة لشخصيات أو مؤسسات تُتهم بالتواطؤ أو الصمت تجاه العدوان على غزة.-- ويرى محللون أن اللجنة فقدت خلال السنوات الأخيرة جزءًا كبيرًا من مصداقيتها، بعدما تحولت من منصة لتكريم المدافعين عن الحرية والسلام، إلى **أداة سياسية تخضع لموازين القوى الدولية**. ويؤكد المراقبون أن هذا الموقف النرويجي يعيد إلى الأذهان جوهر فكرة "ألفريد نوبل" مؤسس الجائزة، الذي أرادها تكريمًا حقيقيًا لصُنّاع السلام، لا لمن يبررون الحروب أو يتغاضون عنها.
موقف أخلاقي يهزّ الضمير العالمي
ما فعله مجلس السلام النرويجي لا يُعدّ مجرد إلغاء لاحتفالٍ رمزي، بل **صرخة ضمير عالمي في وجه النفاق الدولي**.
فالعالم اليوم يشهد حربًا مروعة في غزة، تُرتكب فيها جرائم حرب موثقة ضد المدنيين، وسط صمتٍ دوليٍ يفضح ازدواجية المعايير.
وفي ظل هذا الواقع، جاء قرار الإلغاء ليؤكد أن **الإنسانية ما زالت حية في قلب أوروبا**، وأن هناك من يرفض تزييف معنى "السلام" بينما تُزهق الأرواح بلا ذنب.
تحليل الحدث: دلالات سياسية وإنسانية عميقة
يرى الخبراء أن هذه الخطوة تمثل **تحولًا نوعيًا في مواقف المجتمع المدني الأوروبي**، وتكشف عن رغبةٍ حقيقية في تصحيح المفهوم العالمي للسلام.
فمنح الجوائز في ظل القتل والدمار ليس سلامًا، بل تجميلٌ للعنف وإهانة للعدالة.
كما يعكس الموقف النرويجي **جرأة أخلاقية** تفتقدها كثير من الحكومات الغربية، التي تكتفي بالبيانات الدبلوماسية دون فعل حقيقي لوقف نزيف الدم في فلسطين.
الرسالة التي بعثها القرار للعالم واضحة:
"لا سلام يُمنح لمن يغض الطرف عن الإبادة، ولا جائزة تستحق أن تُرفع فوق أنين الأطفال تحت الأنقاض."
الخاتمة
لقد أعاد مجلس السلام النرويجي الاعتبار لمعنى الجائزة، حتى وهو يحتج على منحها. فما فعله كان أشبه بإعادة تعريف لمفهوم "السلام العالمي" الذي فقد بريقه وسط الصفقات السياسية والمصالح الاقتصادية. اليوم، يدرك العالم أن **السلام ليس كلمات تُتلى في قاعات نوبل، بل موقف شجاع ينحاز للإنسان المظلوم**، أيًّا كان جنسه أو دينه أو وطنه.
وبينما تُطفأ شعلة نوبل في شوارع أوسلو للمرة الأولى منذ سبعين عامًا، **تشتعل شعلة الضمير الإنساني في قلوب الأحرار حول العالم**، لتقول للعالم أجمع:
"العدالة أولًا… والإنسانية قبل الجائزة."