ماذا يحدث في السودان؟ تعال نعرف السودان أكثر

ماذا يحدث في السودان؟ تعال نعرف السودان أكثر

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

ماذا يحدث في السودان؟ تعال نعرف السودان أكثر

 

image about ماذا يحدث في السودان؟ تعال نعرف السودان أكثر


تعرف على القصة الكاملة لما يحدث في السودان من جذوره التاريخية حتى الحرب الأهلية الحالية، واكتشف كيف تحوّل البلد الغني بالموارد إلى ساحة صراع دموي، وما الدروس التي يمكن أن نتعلمها من التجربة السودانية.

البداية: استقلال ولد معه الانقسام

في صباحٍ من يناير عام 1956، أعلن السودان استقلاله عن بريطانيا ومصر.
كانت الخرطوم تحتفي بعَلَمٍ جديد، ودولةٍ ولدت بعد كفاحٍ طويل ضد الاستعمار.
لكن منذ اللحظة الأولى، وُلد الوطن وفي داخله **انقسام خفيّ بين الشمال العربي المسلم والجنوب الإفريقي المسيحي والوثني**.
الشمال كان أكثر تعليمًا وتطورًا، بينما الجنوب كان مهمّشًا، فقيرًا، يعاني من الإقصاء السياسي والثقافي.
وهكذا بدأ السودان رحلته وهو يحمل في أحشائه **بذرة الحرب**.

نار الجنوب الأولى (1955 – 1972)

قبل حتى أن يُعلن الاستقلال، بدأت التمردات الجنوبية ضد سيطرة الشمال.
استمرت الحرب 17 عامًا، وحصدت مئات الآلاف من الأرواح.
وفي عام 1972، وقّع الرئيس **جعفر النميري** اتفاقية أديس أبابا التي منحت الجنوب حكمًا ذاتيًا.
عمّ السلام لوقتٍ قصير، لكنه كان هشًا — مثل غصنٍ أخضر وسط صحراء الغضب.

الشريعة والدم (1983 – 2005)

عام 1983، أعلن **النميري** تطبيق الشريعة الإسلامية على كامل البلاد، بما في ذلك الجنوب غير المسلم، فاشتعلت الحرب من جديد بقيادة **جون قرنق** والحركة الشعبية لتحرير السودان.
كانت الحرب الثانية أعنف من الأولى، إذ قُتل أكثر من **مليوني إنسان** وشُرّد الملايين.

تتابعت الانقلابات السياسية:

* انقلاب **سوار الذهب** (1985)
* ثم حكومة **الصادق المهدي**
* ثم انقلاب **عمر البشير** (1989) الذي حكم البلاد بقبضة حديدية لعقود طويلة.

اتفاق السلام الكبير (2005)

بعد سنوات من الدم، وبتدخل أمريكي ودولي، وُقّعت **اتفاقية السلام الشامل** بين البشير وجون قرنق.
منحت الاتفاقية الجنوب حكمًا ذاتيًا وحقّ تقرير المصير بعد 6 سنوات.
لكن فرحة السلام لم تكتمل، فبعد أشهر فقط، مات **جون قرنق** في حادث تحطم مروحية غامض.
رحل القائد، وبقيت الشكوك والمرارة، لتستمر نار الانقسام مشتعلة.

الانفصال (2011)

في يناير 2011، صوّت الجنوبيون بنسبة 99% لصالح الانفصال.
وفي 9 يوليو من العام نفسه، وُلدت **دولة جنوب السودان** رسميًا.
خسر السودان حينها أكثر من **70% من موارده النفطية** لأن معظمها يقع في الجنوب.
وبقي الشمال مثقلًا بالأزمات الاقتصادية والسياسية، يعيش على وقع صراعات جديدة.

دارفور والجنجويد (2003 – 2019)

بينما كان العالم يحتفل بالسلام، اشتعلت **دارفور** في غرب السودان.
القبائل هناك شعرت بالتهميش، فرفعت السلاح.
ردّ **البشير** كان قاسيًا: أطلق ميليشيات **الجنجويد** بقيادة **حميدتي**، فارتُكبت مجازر وجرائم تطهير عرقي بشهادة الأمم المتحدة.
تحت ضغط المحكمة الجنائية الدولية، أصبح البشير **مطلوبًا بتهمة الإبادة الجماعية**، لكنه بقي في الحكم حتى 2019، حين أطاحت به ثورة شعبية ضخمة.

الثورة والخيانة (2019 – 2021)

بعد سقوط البشير، تشكّل **المجلس العسكري الانتقالي** بقيادة **البرهان** و**حميدتي**، وتعاهد الجميع على تسليم السلطة للمدنيين.
لكن بعد فترة وجيزة، وقعت **مجزرة القيادة العامة**، حيث قُمع المعتصمون السلميون بعنفٍ شديد وقُتل المئات.
تلاشت أحلام الثورة، وعاد السودان إلى دائرة الدماء مجددًا.

الحرب الكبرى (2023 – اليوم)

في أبريل 2023، انهار التحالف بين البرهان وحميدتي، وتحول الخلاف على السلطة إلى **حرب أهلية مدمّرة**.
تحوّلت **الخرطوم** إلى ساحة حرب، واحترقت **دارفور** من جديد، ونزح ملايين السودانيين نحو المجهول.

وراء هذه الحرب تختبئ **مصالح إقليمية ودولية**:

* **الإمارات** تموّل حميدتي.
* **السعودية** تدعم البرهان.
* **فاغنر الروسية** تبحث عن ذهب دارفور.
* و**إثيوبيا** تراقب بانتظار ما تكسبه من تفكك السودان.

وطن يتأرجح بين الحياة والموت

اليوم يعيش السودان **واحدة من أشد الكوارث الإنسانية في العالم**:
مدن مدمّرة، مجاعة، مرض، وانهيار في كل مؤسسات الدولة.
البلد الذي كان يُعرف باسم "**سلة غذاء إفريقيا**" أصبح وطنًا يبحث عن رغيفٍ وأمانٍ ومعنى للبقاء.
ومع ذلك، لا تزال فيه قوة الحياة، لأن الشعوب لا تموت، حتى وإن اختنقت بالدم.

الدروس المستفادة من التجربة السودانية

تُقدّم تجربة السودان مثالًا صارخًا على كيف يمكن أن يتحول بلد غني بالموارد إلى ساحة صراعٍ دائم بسبب غياب الرؤية الوطنية الجامعة.
ومن أبرز الدروس السياسية والإنسانية:

1. غياب الهوية الوطنية يفتح أبواب الانقسام**

منذ الاستقلال، فشل السودان في بناء مفهومٍ للمواطنة يتجاوز الانتماءات القبلية والجهوية.
حين تتقدّم العصبية على الدولة، يصبح الولاء للقبيلة أو الطائفة أقوى من الولاء للوطن.

2. عسكرة السياسة تُنتج الاستبداد والفوضى**

الاعتماد المستمر على الانقلابات العسكرية جعل الجيش لاعبًا سياسيًا لا وطنيًا.
هذا الخلل أضعف مؤسسات الدولة وأنتج أنظمة قمعية فاشلة في تحقيق التنمية أو الاستقرار.

3. التدخلات الخارجية تُعمّق الأزمات**

حين تُصبح القرارات الوطنية رهينة لأموال الخارج، تضيع السيادة ويزداد الانقسام.
السودان اليوم يدفع ثمن صراعات نفوذ دولية جعلت أرضه ساحة لتصفية الحسابات.

4. غياب العدالة يولّد دوامة الانتقام**

من دارفور إلى الخرطوم، لم يُحاسب أحد على الجرائم الكبرى.
العدالة المؤجلة تزرع في كل جيل بذور حربٍ جديدة.

5. إرادة الشعوب أقوى من السلاح**

رغم كل المآسي، يظل الشعب السوداني مؤمنًا بالأمل والحياة.
خرج في ثورات سلمية، وواجه القمع بصدورٍ عارية، ولا يزال يطالب بوطنٍ حرٍّ عادلٍ وديمقراطي.

خاتمة: السودان بين الألم والأمل

ما يحدث في السودان اليوم ليس نهاية الطريق، بل **بداية وعيٍ جديد**.
إذا لم تُبنَ دولة تحترم التنوع وتوزع الثروة بعدل، فإن الحرب ستتكرر بأسماء مختلفة.
لكن إن استُثمرت تضحيات السودانيين في تأسيس وطنٍ عادل، فسيعود السودان يومًا ليكون **قلب إفريقيا النابض وسلة غذائها** كما كان.
فالشعوب التي تتعلم من الألم — هي وحدها القادرة على صناعة الغد.



 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
احمد المصرى Pro تقييم 5 من 5.
المقالات

179

متابعهم

93

متابعهم

847

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.